بحث مخصص عن الكتب

Loading

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

تعقيبا على دفاع أخي العزاني : (جني الثمار في تعداد خصائص الحمار)

بقلم / تامر الأشعري

قرأت في ملحق (أفكار) التابع لصحيفة الجمهورية ، والصادر يوم الأربعاء المصادف 2 فبراير -2011م ، مقالة لصديقي الحميم عبد الرقيب العزاني ، بعنوان (سلفي يدافع عن الحمار ويعترف : أنا غبي ) ، وكان قد أشار في غضون مقالته تلك إلى سر إعجابي بالحمار ، ولعل الوقت لم يسعفه ليخوض في تفاصيل ذلك ؛ مما دعاني إلى كتابة هذا التعقيب فأقول :

لقد أعجبني وأعجب كل حرٍّ حماركم المشار إليه ، لأنه لم يكن بالكبير المشتهر ، ولا الصغير المحتقر ، ولأنه كان إذا خلا الطريق تدفَّق ، وإذا كثر الزحام ترفَّق ، كما لاحظت أنكم كنتم إذا أقللتم علَفَه صبر ، وإذا أكثرتموه له شكر ، وهو الذي سألناه يومذاك : لم لا تجترُّ ؟ فقال أكره مضغ الباطل ! وهو الذي مر على قبر في قريتكم فهرب منه ونفَر ، فلما سألتك عمن يكون صاحب ذلك القبر ؟ فقلت : إنه كان بيطريا !

ولست أشك أن حماركم ذاك هو الذي تبجح أبو العلاء المعري بأنه يحفظ له مائة اسم ، كما أظن ظنا أنه من بقايا نسل (حمار عزير) ، ومن ورثة (حمار أبي سيارة العدواني) ، الذي ظل يفيض على ظهره من المزدلفة إلى منى أربعين سنة ، حتى قالت العرب: " أصح من حمار أبي سيارة " ، وأكاد أتيقن أنه زوج (حمارة بلعام) التي رفضت مطاوعته في السير إلى الجبل للدعاء على موسى النبي وأتباعه ، وإن كنت أخشى أن يكون حماركم ذاك على صلة وثيقة بـ(حمار الأسود العنسي) الذي كان العنسي يقول له : اسجد ! فيسجد ! حتى افتتن الناس به أيما افتتان !

لكن الذي أعجب له ، هو أنك دافعت عن سائر الحمير دفاع مستميت ، وكأنك تناسيت أو نسيت ؛ أن الحمار من الدواب التي تقطع الصلاة على المصلي ، وأنه مركب التعزير والفضيحة ، وأن القرآن ضرب به المثل في الإعراض عن الحق فقال : (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) [المدثر 50 -51] ، وفي البلادة فقال : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الجمعة 5] ، كما ضرب به العرب المثل في الضلالة فقالوا : (أضل من حمار أهله) ، وفي الصبر على الضيم فقالوا : (لا يصبر الحر تحت ضيم ، وإنما يصبر الحمار) ، كما نطقت الأخبار بأنه دابة المسيخ الدجال في آخر الزمان (إذ ذكر أنه لا يُسخَّر للدجال من الدواب غيره) ، وأنه عديم الكرّ والفرّ ، وأن أكل لحمه حرام ، وأن سائر الدواب مرَّت من أمام آدم عندما كان يسميها بأسمائها ؛ إلا الحمار فإنه مر من خلفه ، وأنه آخر حيوان دخل سفينة نوح ، حتى قيل إن الشيطان تعلق في ذنبه ودخل معه فلم ينهق ، فصار من بعد إذا رأى شيطانا نهق ، وأنه منكر الصوت ، بعيد الفوت ، متزلق في الوحل ، متلوث في الضحل ، كثير الروث ، قليل الغوث، لا تُودَى به الدماء ، ولا تُمهر به النساء ، ولا يُحلَب منه في إناء، وأنه ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط ؛ إلا الخنزير والحمار ، كما وردت بذلك الآثار !

لكنني على الرغم من كل ذلك ؛ أؤيدك في بقية ما ذهبت إليه ، فإن الحمير في بعض الأزمان - ومنها زماننا هذا - تصير أفضل من كثير ممن يلبس الثياب ، ولقد أدرك أسلافنا هذا من قبل ، فلقب بعضهم بعضا بلقب الحمار ، من مثل : (مروان الحمار) آخر خلفاء بني أمية ، و(راكب الحمار) الفارس الفاتح أبو يزيد الخارجي ، و(صاحب الحمار) المجاهد نباتة بن يزيد النخعي ، و(صاحب الحمارة) جدُّ قاضي الحنابلة بدمشق جمال الدين المرداوي المتوفى سنة (769هـ) ، وهذا كله مما يدفعني أحيانا إلى أن أقول لكل من ضاع له حمار فخرج باحثا عنه : خذ بيد أول شخص تلاقيه ، ثم اربطه في الإصطبل !

abuiyad

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ترقيم الصفحات