بحث مخصص عن الكتب

Loading

الخميس، 7 مايو 2009

المصطلحات الصوتية عند إبراهيم أنيس

المصطلحات الصوتية في كتاب (في اللهجات العربية) لإبراهيم أنيس نظرات تحليلية
السبت, 19 ابريل, 2008

بسم الله الرحمن الرحيم
المصطلحات الصوتية في كتاب (في اللهجات العربية ) لإبراهيم أنيس
بقلم/ تامر عبد الودود الأشعري
الحمد لله والصلاة على رسوله ومن والاه وبعد ...

فهذا ما أتاح الله لي من استخراج للمصطلحات الصوتية فقط من كتاب " في اللهجات العربية " لإبراهيم أنيس ، الطبعة الرابعة 1973م ، مكتبة الأنجلو المصرية ، وأضربت صفحا عن المصطلحات غير الصوتية ، وأود هنا أن أثبت بعض الأفكار قبل أن يطرن من رأسي وهن :

إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

تحليل نص شعري قديم

النص (يقول الشاعر):

كأن النجوم عيون الكلا ب تنهض في الأفق أو تنحدر !

******
تحليل الباحث
/ تامر عبد الودود الأشعري

من الواضح أن الشاعر استقى التصوير في هذا البيت من البيئة التي يعيش فيها ، وقد بحثت عن البيت في مظانه المفترضة فلم أجده إلا في كتاب واحد لم يسم قائله ([1]).

وقد أودع الشاعر هذا البيت متناقضات كثيرة ، فالنجوم يضرب بها المثل في العلو والرفعة والشرف ، والكلاب يضرب بها المثل في الهوان والذلة والنجاسة والدناءة ، والنجوم علامات هداية ، والكلاب رمز الضلالة والانسلاخ من الهدى ، النجوم حرس للسماء من الشياطين ، والكلاب جنس من الشياطين ، بل هي ضعفة الجن ، ولعل في كل هذا يعكس صورة المجتمع المتناقض المتخبط بين أقواله وأفعاله !

وكأنه يقول : إن النجوم التي هي سلاح ضد الشياطين صارت عيونا للشياطين ، تصرفها في مراقبة الأخيار والانقضاض عليهم ؛ كما تصرف الكلاب عيونها في مطاردة الفرائس ، في الظلام الدامس ، وبذلك يشير إلى غياب حس العدالة لدى سادة القوم ومن يفترض فيهم الحكمة والفهم والتأثير الإيجابي ولكنهم يمارسون عكس ما تبوَّأوه من المراكز الاجتماعية !

وكأنه يصور علو وصفاء المظاهر مع خبث البواطن وسوداويتها ، فهو يبلور صورة المجتمع الغارق في نتن النفاق إلى أذنيه ، مع اتصاف بالشراهة الخلقية وحب الذات ، ومطل الحقوق ، لأن نعاس الكلب يضرب به المثل في المماطلة فيقال :" أمطل من نعاس الكلب" فلا خير في من يُدعون بسادة المجتمع سواء عليهم أتحركوا أم هم خامدون !

أو كأنه يقول: ليس هناك شيء جميل في الحياة ( النجوم) إلا ومعه من القبح (سواد الليل) مايكدر على المتأمل ذلك الحسن ، فمثله كمثل عيون الكلب لها بريق وبصيص ملفت للنظر ولكنك إذا استثبت من حاملهما (الكلب) انكسفت ملامح ذلك الاستحسان لذلك القبح ، وهذا تبديد لفكرة الكمال المطلق في حق من يدركه النقص من المخلوقات !

ولايخفى مافي البيت من تشاؤم وتطير بالليل ، وأنه أعطي حلة لايستحقها ( النجوم) كما أعطي الوحش في الفلاة عينين براقتين لاتستحقهما طباعه الوحشية ولامظهره المفزع ، فذلك مثل من يقلد الدر خنزيرا !

أو ربما هذا البيت تبرما بالحياة ومللا من سكونيتها ،فالليل عنده يقبل بنجومه دون أن يكون من ورائه شيء جديد نافع ، كالكلب الرابض الكسول الذي يمطله النوم أو هو يماطله ، فيرفع حاجبيه تارة ويخفضهما تارة ، فتنقضي اليوم والليلة ، وهو لا حرس ولا صاد !

وربم كان الشاعر يعيش فكرة المؤامرة ضده من قبل علية القوم المتسلطين على العقول التي تغلي تحتهم بمراجل الانقلاب والثورة فهم يراقبونه ويطاردون هواجسه ؛ مراقبة النجوم للكائنات في غسق الليل البهيم ، مثلها في ذلك مثل عيون الكلاب في تتبع الفريسة حتى اقتناصها !


--------------------------------------------------------------------------------

([1]) قال صاحب المصباح المنير في غريب الشرح الكبير - (ج 1 / ص 178)

قَالَ الشَّاعِرُ : كَأَنَّ النُّجُومَ عُيُونُ الْكَلَا بِ تَنْهَضُ فِي الْأُفْقِ أَوْ تَنْحَدِرُ

أَيْ بَعْضُهُمَا يَطْلُعُ وَبَعْضُهَا يَغِيبُ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى { فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ } أَيْ جَاءَ بَأْسُنَا بَعْضَهَا لَيْلًا وَبَعْضَهَا نَهَارًا ...
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

شروط اختيار عنوان رسالة الماجستير أوالدكتوراه


بسم الله الرحمن الرحيم

ضوابط وشروط اختيار موضوع البحث الأكاديمي
إعداد الباحث/ تامر عبد الودود الأشعري
ماجستير-قسم اللغة العربية- كلية الآداب
توطئة حول معنى البحث

يدور المعنى العام للبحث حول المرادات الآتية :.التصنيف والتنظيم،التأليف ، جمع متفرق إعداد وتحضير، صناعة ، دراسة وتحليل، ابتكار وإبداع وتجديد ، تحقيق صحة معلومة مجهولة.

تعريف البحث اصطلاحاً : يراد به الاستقصاء وطلب الشيء والتنقيب عنه ، وذلك بقصد التوصل إلى حقيقة من الحقائق.

ماذا قبل اختيار موضوع البحث؟؟

وهناك أمور ينبغى على الطالب أن يبدأ بها قبل اختيار الموضوع وكتابة البحث أهمها :
1) القراءة الواسعة فى المجال بصفة عامة وهي واجبة على الطالب الذى يريد أن يبحث ، لكى يستطيع أن يحدد موضوعا بعينه للبحث ، وعادة ينبغى أن تتسم هذة القراءة الواسعة بطابع معين وهوأن تكون سريعة ، فالباحث فى هذ.ه المرحلة لا يحتاج الى أن يقف عند كل كلمة أو كل جزئية ، بل يريد اكتشاف المجال الخاص الذى يميل اليه ، الى جانب اختيار موضوع يحدده بناء على رغبة خاصة منه ، وبناء على هدف محدد يريد تحقيقه ، وبناء على عدة شروط سنشير اليها بعد قليل .
لذاينبغي علي الطالب القراءةفي الكتب المتصلة بالمجال بصفةعامة ، وبهدف معرفة الاطار العام الذى يضم التصنيفات العامة للمجال .
من هنا فان طابع القراءة السريعة هنا لا يعنى اغفال أركان الكتاب المقروء خاصة ما يتعلق بالموضوع، وبالمنهج ، وبالهدف من تأليف الكتاب ، لذا ينبغى على الطالب ألا تفلت منه هذه الخيوط العريضة فى أى كتاب يقرأه ليدرك مدى أهمية الموضوع وقيمته ومنهجه ..
2) أنماط الموضوعات البحثية :
ينبغي علي الباحث أن يلم بالأنماط المتعددة لموضوعات البحث ليكون فكرة عن تلك الأنماط ، ومن المفضل أن يأتى بنمط حديد ، وعادة ما تتم الكتابة فى موضوعات تتعلق بما يلى:

*) دراسة شخصية فكرية ، قد تكون عربية أو أجنبية ، يتم ابراز أعمالها ، وعرض اسهاماتها فى مجال تخصصها، وقد لا يكون عند القارئ دراية بجوانب هذه الشخصية فيتم تقديمها للقارئ لأول مرة، ويعد هذا اسهاما من الباحث لتعريف القارئ على مفكر قد لا يعرفه .
*) دراسة فكرة معينة أو نظرية لدى شخصية معينة .

*) دراسة فكرة معينة أو نظرية فى اطار مذهب أو اتجاه معين

*) دراسة فكرة معينة أونظرية فى عصر معين .
*) دراسة فكرة معينة فى عدة مذاهب أو اتجاهات .
*) دراسة مشكلة مطروحة بين عدة مذاهب أو اتجاهات .
*) دراسة مقارنة بين فكرتين أو نظريتين:متشابهتين أو متعارضتين .
*) دراسة المنهج عند شخص معين ، أو اتجاه معين .
*) دراسة مذهب متكامل .
*) تحقيق مخطوط قديم ، ودراسة موضوعه .
*) ترجمة كتاب ، ودراسة موضوعه .
*) عرض كتاب جديد ، ودراسة موضوعه ومن المؤكدأن هناك أنماطاكثيرةيمكن التأليف فيها، وهى متروكةلاجتهاد الباحث واختياره.

(اختيار موضوع البحث وشروطه)

من المزايا التي لابد ان تتوفر عند الباحث أن يتحلى بموهبة البحث.. اذ ليس كل من اجتاز المرحلة الجامعية الأولى يستطيع ان يسلك طريق البحث والتأليف،ومن علامات هذه الموهبة ؛ القدرة على اختيار الموضوع..وهي أول خطوة من خطوات البحث العلمي، وتكون بتحديد الموضوع( مشكلة البحث )، وطرح الأسئلة ضمن الزمان والمكان والأحداث والأشخاص والعلاقات.

إن أول ما يقوم به الباحث في بحثه هو تحديد موضوع الدراسة، وذلك لا يكون بمحض الصدفة، بل عليه أن يكثر من القراءة في المصادر، والمراجع والرسائل العلمية قبل تحديد الموضوع المناسب. وعند اختيار الموضوع يجب أن ينطلق من قاعدة تصورية سليمة، وينصح المتخصصون بمراعاة الآتي عند اختيار موضوع البحث:
1) أن يحدد المجتمع قبل تحديد الموضوع ومن ثم أهمية موضوع البحث لهذا المجتمع ومدى فائدته العلمية التي تحتاجها مؤسساته المختلفة اذ ليس كل موضوع يستحق المجهود ، فالموضوع الذى يستحق الجهد المبذول هوالموضوع الذى ينتفع به عمليا ، ويمكن الاستفادة منه فى مجال التخصص.0
2) أن يكون موضوع البحث محبباً إلى نفسه، ومهماً عنده ، فيختار موضوعا يكون ممتعاً له و مثيراً لاهتماماته .. فالبحث عمل خاص بالباحث وميله العاطفى والذاتى لموضوع ما أمر على درجة كبيرة من الأهمية،لكى لا يقع الباحث فى صراع بين العاطفة والأمانة العلمية ، كأن يكتب الشيوعى عن الرأسمالية أوالعكس أو يكتب الشيعى عن أهل السنة.
3) أن يتأكد الباحث من توفر المصادر والمراجع الخاصة بموضوع بحثه حتى يستطيع الكتابة فيه إذ أنه ليس من الممكن كتابة أى بحث اذا لم تتوفر مادة هذا البحث التى تجعل كتابته ممكنة ، كما أن حالة الطالب وظروفه الخاصة المتعلقة- على سبيل المثال - بمعرفة بعض اللغات ينبغى أن توضع موضوع الاعتبار فى اختيار بحث بعينه ، وقد توضع الناحية المادية أيضا فى الاعتبار ، اذ أن البحث يتطلب جهدا ماديا الى جانب الجهد الدراسى ، وقد يستلزم الأمر السفر الى أماكن بعيدة ، أو طلب مخطوطات من مكتبات بعيدة تتطلب سداد تكاليفها.
4) أن لا يندفع بتحديد الموضوع عاطفياً، ثم يتراجع عنه فيما بعد.
5) الابتعاد عن الموضوعات العامة، واللجوء إلى تحديدالموضوع. اجعل بحثك محدداً جدا ً .. إبدأ بحقل دراستك الواسع ثم تفرّع داخل الأقسام قدر المستطاع لتكون الرسالة جزءا بسيطا من هذا الحقل الواسع .. وتذكّر : كلّما كان الموضوع صغيرا ً كان البحث قادرا على تغطية كل التفاصيل وخاليا من أي فجوات . وبالتالي كان الدفاع أسهل وأسئلة اللجنة منحصرة فينبغى على الطالب أن يتجنب الموضوعات البانورامية الواسعة غير المحددة ، مثل : " دراسة الاتجاهات الفلسفية " ، أو " أفكار ومواقف " ، أو " فلسفة العلم " فمثل هذة الموضوعات لا تتناسب مع الطالب الذى نعنيه هنا.
6) يحاول أن يكون الموضوع جديداً لم يسبقه إليه أحد فيثير اهتمام المشرف والباحث على السواء فيتجنب اختيارموضوع تمت دراسته من قبل،الا اذا رأى الباحث أنه سيضيف جديدا الى الموضوع ، سواء فى منهج المعالجة ، أو فى ايضاح حقائق جديدة يقدمها بناء على اكتشاف مصادر جديدة تغير من الفكرة المعروفة عن الموضوع

7) كن واقعيا ً حول الوقت الذي ستمنحه لمشروعك .. فليس من المنطقي مثلا أن يستغرق بحثك عشر سنوات دراسة .. أو مثلاً ألف شخص إن كان دراسة تجريبية

8)كن واقعياً في إختيار موضوعك .. فبحثك لن يهز العلماء .. بل أنت تُكمل متطلبات أكاديمية
9)ينبغى على الطالب أن يحدد موضوعا أو عددا من الموضوعات التى يختارها ، ثم يعرضها على أستاذه للتشاور معه ، والاستفادة من خبرته فى المجال ، وللتأكد من أن زميلا له قد اختار الموضوع نفسه ، وقد يتدخل الأستاذ المشرف على البحث ويوجه الطالب الى اعادة اختيار موضوع آخر أو تغيير عنوان الموضوع ليكون أنسب ، أو يبدى رأيا معينا فى الموضوع ...

10)إختر عنوانا جيّداً و مفهوماً لبحثك .. يحمل أهم الكلمات .. إبتعد عن الكلمات المغشوشة والغامضة ..والعنوان يجب أن يدل القارئ على فكرة صحيحة عما هو مقبل عليه ، فهو كالعلامة المرشدة التى تدل السائر على الطريق لكى لا يضل فى سيره .

11)القراءة فى الموضوع : والمقصود بهذة الخطوة هو القراءة فى الموضوع الذى تم تحديده بالفعل ، أو فى موضوعات قريبة منه ، أو مشابهة له، لكى يتسنى للطالب أن يضع خطة للبحث ، وأن يبدأ من حيث انتهى غيره من الباحثين ليسير بالعلم خطوة للأمام ، الى جانب أن يسترشد بما قدمه الآخرون من أساليب منهجية لمعالجة البحث مع الأخذ فى الاعتبار أنه ليس كل ما كتب ، أو ما هو معروض فى المكتبات يعد نموذجا للكتابة العلمية الصحيحة،بل هناك كثيردون المستوى العلمى المطلوب ، ومن خلال القراءة المطلوبة هنا يستطيع الباحث أن يضع خطة للبحث بالتشاور مع الأستاذ المشرف .
والقراءة المطلوبة هنا أيضا هى قراءة سريعة يحدد فيها الباحث نظرته الى الكتاب المقروء ، ومدى اعتماده عليه فى المستقبل .
12)تحديد الغاية من البحث : بعد الانتهاء من قراءة بعض الكتب الخاصة بمجال التخصص، ينبغى على الطالب أن يحدد الغاية التى يقصدها اذا ما اختار موضوعا ما، ولن تخرج هذة الغاية أوهدف البحث عماأورده حاجي خليفة فى مقدمته القيمة لكتابه الشهير"كشف الظنون" حين قال :" التأليف على سبعة أقسام لا يؤلف عاقل الا فيها:إما شئ لم يسبق اليه فيخترعه،أو شئ ناقص يتممه ، أو شئ مغلق يشرحه،أو شئ طويل يختصره ( دون أن يخل بشئ من معانيه)، أوشئ متفرق يجمعه،أوشئ أخطأ فيه مصنفه فيصلحه،أو شئ مختلط يرتبه
ويمكن للباحث أن يحدد هدفا من الأهداف السابقة ليكون محورا لبحثه.

ماذا بعد اختيار الموضوع وقبل وضع الخطة البحثية؟؟
13)مرحلة جمع المادةالعلمية ، وفى هذه المرحلة ينبغى أولا:-
§ البدء بصفحة الغلاف للتأكد من أن الموضوع شديد الصلة بالموضوع المحدد ، أو فى صميم الموضوع المحدد .

§ ثم النظر فى فهرس الموضوعات للتعرف على الترتيب المذكور فى الفهرس
§ ثم الرجوع الى مقدمة المؤلف ، وكذلك الى الخاتمة .

§ ثم النظر فى المراجع التى رجع اليها المؤلف لمعرفة مدى قوة البحث ومدى الاستفادة التى يمكن أن يستفيدها الطالب من هذه المراجع .

§ ثم النظر الى الفهرس التحليلى للموضوعات ان وجد لاختيار الأفكار التى تهم البحث أكثر من غيرها ، دون الاضطرار الى قراءة الكتاب كله.
مراجع هذا الموضوع (مقالات ودراسات متفرقة على مواقع في شبكة الأنترنت) أهمها :

§ موقع/منتديات مرسي.

§ موقع/الموسوعة الشاملة.

§ www.egtmay.com موقع /اجتماعي
§ www. Alyaseer.net موقع/منتديات اليسير الثقافية
§ موقع /إشراق.

إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

الإهمال النحوي أقسامه وأحكامه


بسم الله الرحمن الرحيم
كتبه الباحث/ تامر عبد الودود الأشعري
توطئة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد...

فهذا بُحَيثٌ تناولنا فيه موضوع إهمال العوامل النحوية في حالاتها المختلفة وافتتحناه بهذه المقدمة ثم الحديث عن مفهوم الإهمال لغة واصطلاحًا ، ثم أنواع المهملات ، ثم صور الإهمال ، ثم بدأنا بإهمال الحروف ؛لأنه أصل الإهمال النحوي ، والأسماء فرع عنه ، إذ ما أهملت إلا لشبهها بالحروف غير المختصة في أنها لا عاملة ولا معمولة ، ولذا جعلناها ثانيًا، ثم جعلنا الإهمال في الأفعال ثالثًا، لكونه مستقلا عنهما ، ثم ختمنا هذه الأقسام ؛ بالإهمال في باب التنازع ؛ لكونه شاملا لها جميعًا، ثم قدمنا خلاصة متضمنة لأحكامه وعلله ، مستقرأة من هذا البحث .

ولا أجزم أني قد استنفدت في هذا البحث كل ما يدخل تحت باب الإهمال ، ولكنني أظن ذلك ظنًا وإن الظن لا يغني عن الحق شيئًا ، وحسبي أني قد اجتهدت ؛ قدر ما هو متاح لي وبين يدي !.

وقد حاولت سلوك هذه الطريقة (طريقة تجميع المتشابهات في الموضوع ) في بعث المسائل النحوية وعرضها لأني لم أر أحدا سلكها بهذه الكيفية وأظن أنها طريقة مهمة لخلق قالب جديد للنحو العربي يلملم أشتاته ويحصر كلياته.

وقد سلكت في إعداد هذا البحث الطريقة الاستقرائية ، بتجميع الجزئيات من كتب النحو المعتبرة، ثم ضممت كل شكل إلى شكله، ثم حللتها ؛ محاولا الخروج بكليات تضم أنواع المهملات ، وصور الإهمال ، وعلله وأحكامه .

وقد قسمته إلى خمسة فصول كالتالي:-

-الفصل الأول ويتضمن مفهوم الإهمال وأنواع العوامل المهملة وصور الإهمال.

-الفصل الثاني : الإهمال في الحروف وهو يتضمن خمسة مباحث كالآتي :

§ المبحث الأول :إهمال حروف النفي.

§ المبحث الثاني :إهمال إن وأخواتها.

§ المبحث الثالث: إهمال الحروف المصدرية.

§ المبحث الرابع: إهمال الحروف الشرطية.

§ المبحث الخامس:إهمال حروف أخرى.
-الفصل الثالث:ويشتمل على المهملات من الأسماء.

-الفصل الرابع: ويشتمل على المهملات من الأفعال.

-الفصل الخامس: الإهمال في باب التنازع.

ثم الخاتمة وتشتمل على عصارة البحث ، وهي علل الإهمال وأحكامه.

والمعيق الوحيد الذي واجهني ؛ هو ضيق الوقت ، فلذلك أستميحك عذرًا في الاعتماد على الترقيم الالكتروني لأجزاء المراجع وصفحاتها .

الفصل الأول /

مفهوم الإهمال

مادة (هَمَلَ) في المعاجم العربية؛ تدور على مجموعة من المعاني، أبرزها: الهَمَلُ: السدى المتروك ، عكس المستعمل ، والإبل الضالة التي ليس لها راع ، والماء السائل الذي لا مانع له ،والليف المنزوع ([1]) ومدار هذه المعاني– في نظري-هو الترك.

وللإهمال مفاهيم اصطلاحية متعددة في التراث العربي ، فمفهومه عند اللغويين يختلف عنه عند النحويين والصرفيين وعلماء الجرافيم (الخط) ، فهو تارة يقابل النقط ، وتارة يقابل الوضع الاستعمالي ، والصرفي ، وتارة يقابل الإعمال النحوي.

فالمهمل: الحرف غير المنقوط ، والمهمل : مالم تستعمله العرب موضوعا لمعنى كـ(ديز) مقلوب زيد، أي مقابل الأستعمال اللغوي([2]) والمهمل : مالم تضعه العرب من صور الاشتقاق الصرفي ، والمهمل عكس المعمل في الاصطلاح النحوي.
والمعمل : ما يوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من الإعراب .

والعامل القياسي : ما صح أن يقال فيه كل ما كان كذا فإنه يعمل كذا .

والعامل السماعي: ما يصلح أن يقال فيه هذا يعمل كذا وهذا يعمل كذا ، وليس لك أن تتجاوز ، كقولنا :(الباء) تجر، و(لم) تجزم .

والعامل المعنوي : ما لا يكون للسان فيه حظ وإنما هو بمعنى يعرف بالقلب ([3])والإهمال الذي هو عكس هذا الإعمال هو موضوعنا.

وعليه يمكننا بناء على ماسبق أن نقول " إن الإهمال هو بطلان العمل الإعرابي لعامل من العوامل النحوية إما سماعًا أو قياسًا لعلة عرضت له فأبطلت عمله" ، وعلى هذا التعريف الذي لم أره في كتاب من كتب التعريفات والحدود المتوفرة لدي ؛ يخرج الإهمالُ العاملُ الرفعَ في المبتدأ والفعل المضارع وغيرهما ، والذي أثبته الأعلم الشنتمري على ما يأتي([4]).

كما نتبين أن لمعانيه اللغوية ؛ علاقة وثيقة بمعانيه الاصطلاحية ، لأن العامل المشترك بين هذه وتلك هو (الترك).

قال السيوطي:"ولا يجوز أن يشترط في حد الكلام كونه مفيدًا على ما ذهب إليه أهل النحو ، لأن أهل اللغة قسموا الكلام إلى مهمل ومستعمل ، فالمهمل : ما لم يوضع لشيء من المعاني ، والمستعمل : هو الموضوع لمعنى له فائدة ، فلو كان الكلام هو المفيد عندهم ؛ وما لم يفد ليس بكلام؛ لم يكونوا قسموه على قسمين ، بل كان يجب أن يسلبوا ما لم يفد ؛ اسم الكلام رأسًا ، على أن الكلام إنما يفيد بالمواضعة ، وليس لها تأثير في كونه كلامًا كما لا تأثير لها في كونه صوتًا..."([5]).

ولكنني رأيت من العجائب أن بعض النحاة يجعل الإهمال(بمعنى التجرد من العوامل لفظا وتقديرًا) من العوامل – كما سيأتي -([6]) وهذا في ظني متناقض ظاهريًا ولكنه في باطن الأمر متسق مع موضوعنا لأن الإهمال هنا ليس هو الإهمال هناك بل الإهمال هنا تسمية للعامل المعنوي الذي يرفع به المبتدأ مثلا ولا مشاحة في الاصطلاح أما الإهمال في هذا البحث فمهمله لفظي كله كما سيأتي في أنواع المهملات .
أنواع المهملات

تأتي العوامل النحوية عند إهمالها ؛ في أنواع متعددة ، منها مما استقرأناه من هذا البحث ( مرتبة من الأعلى إلى الأدنى) الآتي:-

‌أ) ما لا يعمل أصلا بالإجماع ، وهي الحروف غير المختصة بالدخول على نوع واحد من نوعي الكلمة (الاسم أو الفعل) ، مثل(هل).

‌ب) ما لا يعمل أصلا لكن في لغة معينة من لغات العرب ، مثل (لا) عند بني تميم .

‌ج) ما هو مهمل لكنه يعمل في ظل توفر شروط معينة ، مثل (لا) عند الحجازيين ، و(لات) التي لا تعمل إلا في أسماء الزمان.

‌د) ما هو عامل في الأصل ، ولكنه أهمل لعارض عرض له ، مثل : (ليس) عند انتقاضها بـ( إلا) ، و(إن) وأخواتها ، عند اقترانها بـ(ما) الحرفية ، أو تخفيف المشدد منها ، وكإهمال أحد العاملين في باب التنازع.
صورالإهمال

يأتي الإهمال النحوي – عموماً-على صور ثلاث :-

‌أ) الإهمال العامل فيما بعده في حال تجرد المعمول من العوامل اللفظية والتقديرية ، كرفع المبتدأ، والرفع بالإهمال أثبته الأعلم ، وجعل منه قوله تعالى : { يقال له إبراهيمُ } الأنبياء 60 ، فارتفع إبراهيم عنده بالإهمال من العوامل ، لأنه لم يتقدمه عامل يؤثر في لفظه، فبقي مهملا والمهمل إذا ضم إلى غيره ارتفع، نحو: واحد ، اثنان...
وسائر الناس أنكروا ذلك ، وخرجوا الآية على غيره ، فمنهم من خرجها على أنه مفعول صريح ليقال، فيكون من حكاية لفظ المفرد ، وكأنه قال : يطلق عليه هذا اللفظ ، ومنهم من قال: إنه منادى حذف منه حرف النداء ، أي: يا إبراهيم ، ومنهم من قال: هو خبر مبتدأ محذوف، أي: يقال له أنت إبراهيم ، فعلى هذين يكون من حكاية الجمل([7]).
ومما يمثل له أيضا بالمضارع ، يرفع حال تجرده من الناصب والجازم ، وفي عامل الرفع فيه أقوال

أحدها : نفس التجرد والتعري من الناصب والجازم ، فهو معنوي ، وهو رأي الفراء واختاره ابن مالك وقال إنه سالم من النقض ونسبه لحذاق الكوفيين واختاره أيضا ابن الخباز.

والثاني: وقوعه موقع الاسم ، فهو معنوي أيضًا، وهذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين وقال ابن مالك إنه منتقض بنحو:" هَلَّا تَفعلُ "و"جَعلتُ أفعلُ" ، و "ما لك لا تفعلُ و"رأيت الذي يفعلُ" ، فإن الفعل في هذه المواضع مرفوع ، مع أن الاسم لا يقع فيها.

والثالث : وعليه الكسائي أنه ارتفع بحروف المضارعة ، فيكون عامله لفظيا .

والرابع أنه ارتفع بنفس المضارعة ، وعليه ثعلب .

قال أبو حيان : في الرافع للفعل المضارع سبعة أقوال :

أحدها أنه التعري من العوامل اللفظية مطلقا ، وهو مذهب جماعة من البصريين وعزي في الإفصاح للفراء والأخفش والثاني التجرد من الناصب والجازم ، وهو مذهب الفراء والثالث وهو قول الأعلم : ارتفع بالإهمال وهو قريب من الذي قبله ، وهو على المذاهب الثلاثة عدمي ، والرابع وعليه جمهور البصريين : أنه ارتفع بوقوعه موقع الاسم، فإن( يقوم) في نحو:" زيد يقومُ" وقع موقع( قائم) ، وذلك هو الذي أوجب له الرفع ، والخامس وهو مذهب ثعلب : أنه ارتفع بنفس المضارعة …إلخ([8]).

ب‌) كف العامل عن العمل لفظًا ومحلا كالإلغاء في ظن وعلم وأخواتهما.

ج‌) كف العامل عن العمل لفظًا لامحلا كالتعليق في ظن وعلم وأخواتهما.

الفصل الثاني /

(الإهمال في الحروف)
القاعدة العامة أن الحروف المهملة في النحو ؛ هي الحروف غير المختصة بالدخول على نوع واحد من نوعي الكلمة الاسم أو الفعل ، ويدخل فيها دخولا أوليًا حروف العطف والاستفهام ، ولكننا سنتناول هنا من الحروف ؛ ما كان إهماله جزئيا أو مشكلا لسبب أو لآخر.([9])

فنقول:ينقسم الحرف إلى قسمين : معمل ، ومهمل. فالمعمل : هو الحرف المختص كحرف الجر، وحرف الجزم ، والمهمل : غير المختص كحرف الاستفهام ، وحرف العطف .

ثم الحروف المعملة والمهملة كلها تنقسم إلى ستة أقسام :

1-ما يغير اللفظ والمعنى نحو:" ليت" تقول:" ليت زيدًا منطلقٌ" فـ"ليت" قد غيرت اللفظ وغيرت المعنى ، أما تغيير اللفظ فلأنها نصبت الاسم ورفعت الخبر، وأما تغيير المعنى ؛ فلأنها أدخلت في الكلام معنى التمني.

2-ما يغير اللفظ دون المعنى، نحوأن تقول:" إنَّ زيدًا قائمٌ" فـ" إنَّ" قد غيرت اللفظ لأنها نصبت الاسم ورفعت الخبر ، ولم تغير المعنى لأن معناها التأكيد والتحقيق وتأكيد الشيء لا يغير معناه.

3- ما يغير المعنى دون اللفظ ، نحو:" هل" تقول :" هل زيدٌ قائمٌ؟" فـ" هل" قد غيرت المعنى لأنها نقلت الكلام من الخبر الذي يحتمل الصدق والكذب ؛ إلى الاستخبار الذي لا يحتمل صدقًا ولا كذبًا ولم تغير اللفظ ؛ لأن الاسم بعد دخولها مرفوع بالابتداء، كما كان يرتفع به قبل دخولها.

4-ما يغير اللفظ والمعنى ولا يغير الحكم نحو" اللام" في قولهم :" لا يدي لزيدٍ " فاللام ههنا غيرت اللفظ لجرها الاسم وغيرت المعنى لإدخال معنى الاختصاص ولم تغير الحكم لأن الحكم حذف النون للاضافة وقد بقي الحذف بعد دخولها كما كان قبل دخولها فلم تغير الحكم .

5- ما يغير الحكم ولا يغير لا لفظًا ولا معنى نحو "اللام" في قوله تعالى:" إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" فاللام ههنا ما غيرت لا لفظًا ولا معنى ولكن غيرت الحكم لأنها علقت الفعل "يعلم"عن العمل.

6-ما لا يغير لا لفظًا ولا معنى ولا حكمًا. نحو ما في قوله تعالى :" فبما رحمة من الله لنت لهم" فههنا "ما" ما غيرت لا لفظًا ولا معنى ولا حكمًا لأن التقدير:" فبرحمةٍ من الله لنت لهم" . ([10]) .
المبحث الأول :- إهمال حروف النفي

(ليس) النافية

وبدأنا بها قبل كل الحروف النافية لأنها الأصل في النفي ([11]) وقد أعطيت "ليس" حكم "ما" في الإهمال عند انتقاض النفي ب،"إلا" كقولهم:" ليس الطِّيبُ إلا المسكُ" في لغة بني تميم([12]) حكاه أبو عمرو بن العلاء ، و"المسكُ" بالرفع على الإهمال ، ولا ضمير فيها ، وقد نازعه في ذلك عيسى بن عمر فقال له أبو عمرو : "نمت يا أبا عُمر وأدلج الناس ! ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب ، ولا تميمي إلا وهو يرفع !" ثم وجه أبو عمرو خلَفًا الأحمر وأبا محمد اليزيدي ؛ إلى بعض الحجازيين ، وجهدا أن يلقناه الرفع فلم يفعل ، وإلى بعض التميميين وجهدا أن يلقناه النصب فلم يفعل ، ثم رجعَا وأخبرا بذلك عيسى وأبا عمرو ، فأخرج عيسى خاتمه من أصبعه ؛ ورمى به إلى أبي عمرو وقال :" هو لك! بهذا فُقت الناس"! وزعم أبو نزار الملقب بملك النحاة أن "الطيبُ" اسم "ليس" و"المسكُ" مبتدأ وخبره محذوف تقديره "إلا المسكُ أفخرُهُ" والجملة في موضع نصب خبر" ليس" ، وزعم أبو علي أن اسم "ليس" ضمير الشأن و"الطِّيبُ" مبتدأ و"المسكُ" خبره ، أو "الطِّيبُ" اسمها والخبر محذوف و"إلا المسكُ" بدل كأنه قيل :" ليس الطِّيبُ في الوجود إلا المسكُ" أو "الطِّيبُ" اسمه و"إلا المسكُ" نعت ، والخبر محذوف كأنه قيل :" ليس الطِّيبُ الذي هو غيرُ المسكِ طيبًا في الوجود " وحَذْفُ خبر "ليس" لفهم المعنى كثيرٌ ، وضُعِّفَ بأن الإهمال إذا ثبت لغةً فلا يمكن التأويل ([13]).

(لا) النافية و العاملة عمل "إنَّ"

وثنينا بها في أحرف النفي لأنها فرع عن "ليس" ([14]) فمذهب الحجازيين إعمالها عمل "ليس" ومذهب تميم إهمالها ، ولا تعمل عند الحجازيين إلا بشروط ثلاثة :

أحدها:- أن يكون الاسم والخبر نكرتين نحو: "لا رجلُ أفضلَ منك" ومنه قوله:

تعَزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقيَا ولا وزَرٌ مما قضى الله واقيَا

وقوله :

نصرتك إذ لا صاحبٌ غيرَ خاذل فبوئت حصنًا بالكماة حصينًا

وزعم بعضهم أنها قد تعمل في المعرفة وأنشد للنابغة :

بدت فعل ذي ود فلما تبعتها تولت وبقَّت حاجتي في فؤاديا

وحلت سواد القلب لا أنا باغيًا سواها ولا عن حبها متراخيًا

واختلف كلام المصنف (ابن مالك) في هذا البيت فمرة قال إنه مؤول ، ومرة قال إن القياس عليه سائغ.

الشرط الثاني :- ألا يتقدم خبرها على اسمها فلا نقول:" لا قائمًا رجلٌ ".

الشرط الثالث :-ألا ينتقض النفي بـ"إلا" فلا تقول : "لا رجلٌ إلا أفضلَ من زيدٍ" ينصب "أفضلَ "بل يجب رفعه ...([15])

وغلط كثير من الناس فزعموا أن العاملة عمل "ليس" لا تكون إلا نافية للوحدة لا غير ، ويرد عليهم نحو قوله:

تعَزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقيَا... البيت

وإذا قيل:" لا رجلٌق ولا امرأةٌ في الدار" برفعهما ؛ احتمل كون "لا" الأولى عاملة في الأصل عمل "إن" ثم ألغيت لتكرارها فيكون ما بعدها مرفوعًا بالابتداء وأن تكون عاملة عمل "ليس" فيكون ما بعدها مرفوعا بها ، وعلى الوجهين فالظرف خبر عن الاسمين ، إن قدرت "لا" الثانية تكرارًا للأولى وما بعدها معطوفًا ، فإن قدرت الأولى مهملة والثانية عاملة عمل "ليس" أو بالعكس ؛ فالظرف خبر عن أحدهما ، وخبر الآخر محذوف كما في قولك:" زيدٌ وعمروٌ قائمٌ" ولا يكون خبرًا عنهما لئلا يلزم محذوران ؛ كون الخبر الواحد مرفوعًا ومنصوبًا وتوارد عاملين على معمول واحد...([16])
حرف (لات)

وثلثنا بها في أحرف النفي لأنها فرع عن لا النافية ([17]) فهي مركبة من لا والتاء ، و"لات" لا تعمل إلا في "الحين" واختلف الناس فيه ، فقال قوم : المراد أنها لا تعمل إلا في لفظ "الحين" ولا تعمل فيما رادفه كالساعة ونحوها ، وقال قوم : المراد أنها لا تعمل إلا في "أسماء الزمان" فتعمل في لفظ "الحين" وفيما رادفه من أسماء الزمان ، ومن عملها فيما رادفه قول الشاعر :

ندم البغاة ولاتَ ساعةَ مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيمُ!

وكلام ابن مالك محتمل للقولين ، وجزم بالثاني في التسهيل ، ومذهب الأخفش أنها لا تعمل شيئًا ، وأنه إن وجد الاسم بعدها منصوبًا فناصبه فعل مضمر والتقدير:"لات أرى حينَ مناصٍ" وإن وجد مرفوعًا فهو مبتدأ والخبر محذوف والتقدير:" لات حينُ مناصٍ كائنٌ لهم" والله أعلم([18]) نقله ابن عصفور عن الأخفش وصاحب البسيط عن السيرافي واختاره أبو حيان لأنه لم يحفظ الإتيان بعدها باسم وخبر مثبتين ، ولأن "ليس" لا يجوز حذف اسمها فلو حذف اسم "لات" لكانوا قد تصرفوا في الفرع ما لم يتصرفوا في الأصل إلا أنه جعل المنصوب بعدها خبر مبتدأ محذوف لأنه لم يحفظ نفي الفعل بها في موضع من المواضع([19]).

حرف النفي (ما)

وربعنا بها لاستقلالها عن أخواتها بأنها صريحة في النفي كـ"ليس" وقد ذهب الكوفيون إلى أن "ما" في لغة أهل الحجاز لا تعمل في الخبر ، وهو منصوب بحذف حرف الخفض ، وذهب البصريون إلى أنها تعمل في الخبر وهو منصوب بها ، أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنها لا تعمل في الخبر وذلك لأن القياس في "ما" أن لا تكون عاملة البتة ؛ لأن الحرف إنما يكون عاملا إذا كان مختصًا ، كحرف الخفض لما اختص بالأسماء عمل فيها ، وحرف الجزم لما اختص بالأفعال عمل فيها ، وإذا كان غير مختص فوجب أن لا يعمل ، كحرف الاستفهام والعطف ؛ لأنه تارة يدخل على الاسم نحو: "ما زيدٌ قائمٌ " وتارة يدخل على الفعل نحو:" ما يقوم زيدٌ" فلما كانت مشتركة بين الاسم والفعل وجب أن لا تعمل ، ولهذا كانت مهملة غير معملة في لغة بني تميم وهو القياس ، وإنما أعملها أهل الحجاز لأنهم شبهوها بليس من جهة المعنى ، وهو شبه ضعيف ، فلم يقو على العمل في الخبر "ليس" لأن" ليس" فعل ، و"ما" حرف ، والحرف أضعف من الفعل ، فبطل أن يكون منصوبًا بـ"ما" ووجب أن يكون منصوبًا بحذف حرف الخفض ؛ لأن الأصل "ما زيدٌ بقائمٍ" فلما حذف حرف الخفض وجب أن يكون منصوبًُا ، لأن الصفات منتصبات الأنفس ، فلما ذهبت أبقت خلفًا منها ، ولهذا لم يجز النصب إذا قدم الخبر نحو:" ما قائمٌ زيدٌ " أو دخل حرف الاستثناء نحو:" ما زيد إلا قائمٌ". ([20])
(إنْ) النافية

وخمسنا بها لشبهها بما يأتي بعدها كـ(إنْ) المخففة من الثقيلة و(أنْ) المصدرية ، ومذهب أكثر البصريين والفراء أنها لا تعمل شيئًا ، ومذهب الكوفيين خلا الفراء ؛ أنها تعمل عمل "ليس" وقال به من البصريين أبو العباس المبرد وأبو بكر بن السراج وأبو علي الفارسي وأبو الفتح بن جنى واختاره ابن مالك ، وزعم أن في كلام سيبويه رحمه الله تعالى إشارة إلى ذلك وقد ورد السماع به ، قال الشاعر :

إنْ هو مستوليًا على أحدٍ إلا على أضعف المجانينِ([21])

فـ"هو" اسمها و"مستوليًا" خبرها ، وهي تدخل على الجملة الاسمية كالتي في نحو:" إنْ عندكم من سلطانٍ بهذا" ، وعلى الفعلية الماضوية كالتي في نحو:" إنْ أردنا إلا إحسانًا" ، والمضارعية كالتي في نحو:" إن يعد الظالمون بعضهم بعضًا إلا غرورًا" ، وحكمها الإهمال عند جمهور العرب ، وأهل العالية يعملونها عمل "ليس" فيرفعون بها الاسم ، وينصبون الخبر نثرًا أو شعرًا ، فالنثر نحو قول بعضهم :"إنْ أحدٌ خيرًا من أحدٍ إلا بالعافية" فـ"أحدٌ" اسمها ، و"خيرً"ا خبرها ، والشعر كالبيت الذي سبق ذكره. ([22])

المبحث الثاني :- إهمال (إنَّ) وأخواتها

(ليتَ) وبقية أخوات (إنَّ)

تقترن بـ"ليت" "ما" الحرفية فلا تزيلها عن الاختصاص بالأسماء إذ لا يقال:" ليتَمَا قامَ زيدٌ" ، خلافًا لابن أبي الربيع ،و طاهر القزويني ، ويجوز حينئذ إعمالها وإهمالها ، أما الإهمال فلأنهم أبقوا لها الاختصاص بالجملة الاسمية ، فقالوا:" ليتما زيدٌ قائمٌ " ولم يقولوا:"ليتما قامَ زيدٌ" ، وأما الإعمال فللحمل على أخواتها ، ورووا بالوجهين قول النابغة :

قالت ألا ليتما هذا الحمامَُ لنا إلى حمامتنا أو نصفَُه فقدِ ([23])
يروى بنصب "الحمام" ورفعه على الإعمال والإهمال ، وذلك خاص بليت ([24]).

ويوصل بها باقي أخوات "إنَّ " فتكفها عن العمل ، وتلزم الإهمال، نحو:" إنما اللهُ إلهٌ واحدٌ"{ النساء 171} و "أنمآ إلهُكُم إلهٌ واحدٌ" { الكهف 110 } ، والفرق بينها وبين "ليت" ، أن "ليت "أشبه بالأفعال منها ، ولذا لزمتها نون الوقاية بخلاف البواقي ، وأنها باقية الاختصاص بالأسماء ، فلا تدخل على الأفعال ، بخلاف البواقي ؛ فإنها تدخل عليها معًا نحو:" إنما يوحى إليَّ" {الأنبياء 108} و" أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا" {المؤمنون 115}و " كأنما يساقون إلى الموت " {الأنفال 6 }...([25])

قال أبو حيان:ووقفت على كتاب تأليف طاهر القزويني في النحو، ذكر فيه أن "ليتما" تليها الجملة الفعلية ، بل نقله أبو جعفر الصفار عن البصريين لكن الأخفش على سعة حفظه قال : إنه لم يسمع قط "ليتما يقومُ زيدٌ" " ونقل أبو حيان عن الفراء جواز إيلاء الفعل "ليت" ؛ لأنها بمعنى "لو" وأنشد:

فَلَيْتَ دَفَعْتَ الهمّ عَنِّي سَاعَةً

وخرجه البصريون على حذف الاسم ، وقد أشرنا إلى الخلاف في الحالين بقولنا :لا يليها الفعل بحال أي لا مع ما ولا مجردة ... وذهب الزجاجي إلى أنه يجوز الإعمال في الجميع وحكى :" إنما زيدًا قائمٌ" ويقاس في الباقي ، ووافقه الزمخشري وابن مالك ونقله عن ابن السراج وذهب الزجاج وابن أبي الربيع إلى أنه [ الإعمال] يجوز في ليت ولعل وكأن خاصة([26]) وخصصنا بالذكر "ما" الحرفية ، احترازا عن "ما" الاسمية ، فإنها لا تُبطل عملها([27]).

ويخفف ذو النون من أخوات (إنَّ) فتلغى (لكنَّ) وجوبًا ، و(كأنَّ) قليلا ، و(إنَّ) غالبًا ، ويغلب معها مهملةً اللام ، وكون الفعل التالي لها ناسخًا .

ويجب استتار اسم (أنَّ) ، وكون خبرها جملة ، وكون الفعل بعدها دعائيًا ، أو جامدا ، أو مفصولا بتنفيس أو شرط أو "قد" أو"لو" .

ويغلب لـ"كأنَّ" ، ما وجب لـ"أنَّ" ، إلا أن الفعل بعدها دائمًا خبري مفصول "بقد" أو "لم" خاصة... وأقول يجوز في "إنَّ" و"لكنَّ" و"كأنَّ" ، أن تخفف استثقالا للتضعيف فيما كثر استعماله ، وتخفيفها بحذف نونها المحركة ، لأنها آخر ، ثم إن كان الحرف المخفف "إنَّ" المكسورة ؛ جاز الإهمال والإعمال" ([28]) لكن"يكثر إهمالها لزوال اختصاصها ، نحو:"وإنْ كلٌّ لمَّا جميع لدينا محضرون " ، ويجوز إعمالها استصحابًا للأصل نحو:"وإنْ كلاًّ لمَّا ليوفينهم" ، وتلتزم لام الابتداء بعد المهملة ([29]) والأرجح الإ همال ...فأما "لكنَّ" ، مخففة فتهمل وذلك لزوال اختصاصها بالجملة الاسمية ، قال الله تعالى :"وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" وقال تعالى:"لكنِ الراسخون في العلم منهم والمؤمنون" فدخلت على الجملتين..([30])

ومما يتخرج على الإهمال الذي هو لغة الأكثرين قول بعضهم:" إنَّ قائمٌ" ، وأصله :"إنْ أنَا قائمٌ" فحذفت همزة "أنا" اعتباطًا ، وأدغمت نون "إنْ" ، في نونها ، وحذفت ألفها في الوصل ، وسمع "إنَّ قائمًا" ، على الإعمال... وحين تكون "إنْ" مخففة من الثقيلة ، تدخل على الجملتين ؛ فإن دخلت على الاسمية جاز إعمالها ، خلافًا للكوفيين ، كما في قراءة الحرميين وأبي بكر:" وإنْ كلًّا لما ليوفينهم" وحكاية سيبويه :" إنْ عَمْرًا لمنطلقٌ " ، وإن كان الأكثر إهمالها –كماسبق-. ([31])

وتلتزم لام الابتداء بعد "إن" المهملة ، فارقة بين الإثبات والنفي ، وقد تغنى عنها قرينة لفظية نحو:"إنْ زيدٌ لن يقومَ" أو معنوية كقوله:

وإنْ مالكٌ كانت كرامَ المعادنِ

وإن ولى "إنْ" المكسورة المخففة فِعْل كثر كونه مضارعًا ناسخًا نحو:"وإنْ يكادُ الذين كفروا ليزلقونك" ونحو"وإنْ نظنك لمن الكاذبين " وأكثر منه كونه ماضيًا ناسخًا نحو:"وإنْ كانت لكبيرة " و "إنْ كدت لتردينِ" ،و "وإنْ وجدنا أكثرهم لفاسقين" ، وندر كونه ماضيًا غير ناسخ كقوله :

شُلَّتْ يمينُك إنْ قتلتَ لمَسلمًا

ولا يقاس عليه : "إنْ قامَ لأنا" ، و"إنْ قعد لزيدٌ" ، خلافًا للأخفش والكوفيين ، وأندر منه كونه لا ماضيًا ولا ناسخًا كقوله :"إنْ يزينك لنفسك وإنْ يشينك لهيه ([32]) ولا يقاس عليه إجماعًا ، وحيث وجدت "إنْ" وبعدها اللام المقترحة ؛- كما في هذه المسألة - فاحكم عليها بأن أصلها التشديد([33]).

المبحث الثالث :- إهمال الحروف المصدرية

(أَنْ) و(ما) المصدريتان

تخفف "أنْ" المفتوحة ، وفي إعمالها حينئذ مذاهب ، أحدها: إنها لا تعمل شيئًا لا في ظاهر ولا في مضمر ، وتكون حرفًا مصدريًا مهملا كسائر الحروف المصدرية([34]) وعليه سيبويه والكوفيون ...([35])

ومن مُلَح كلامهم ؛ تقارض اللفظين في الأحكام ، ولذلك أمثلة ، أحدها: إعطاء "أنْ" المصدرية حكم "ما" المصدرية في الإهمال ، كقوله :

أنْ تقرأانِ على أسماء ويحكما مني السلامَ وألا تشعرا أحدًا

الشاهد في "أنْ" الأولى ، وليست مخففة من الثقيلة بدليل "أنْ" المعطوفة عليها.

كما تُعمل "ما" حملا على "أنْ" ، كما روي من قوله عليه الصلاة والسلام :"كما تكونوا يولَّ عليكم" ذكره ابن الحاجب والمعروف في الرواية "كما تكونون " .

ومثله : إعطاء "إنْ" الشرطية حكم "لو" في الإهمال كما روي في الحديث :"فإلا تراه فإنه يراك" ([36]).

وأما قول بعضهم في قراءة ابن محيصن :"لمن أراد أنْ يتمُّ الرضاعة" ؛ أن الأصل "أنْ يتمُّوا" بالجمع فحسن ؛ لأن الجمع على معنى "مَنْ" ، مثل:" ومنهم من يستمعون " ، ولكن أظهر منه قول الجماعة: إنه قد جاء على إهمال "أنْ" الناصبة ، حملا على أختها "ما" المصدرية([37]).

المبحث الرابع :- إهمال حروف الشرط

(إنْ) و(متى) الشرطيتان

ومن مُلَح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام ولذلك أمثلة منها : إعطاء "إن" الشرطية ؛ حكم "لو" في الإهمال كما روي في الحديث:" فإلا تراه فإنه يراك" ، وإعطاء "إذا" حكم "متى" في الجزم كقوله :

وإذا تُصِبْك خصاصة فتجملِ

وإهمال "متى" حكما لها بحكم "إذا" كقول عائشة رضي الله تعالى عنها :"وأنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس" ([38]).

(إِذَنْ) الجزائية الشرطية

إن دخل عليها الواو والفاء للعطف يجوز إعمالها وإهمالها ، وذلك نحو قولك :"إنْ تكرمْني أكرمْك وإذنْ أحسنُْ إليك " فيجوز إعمالها فتنصب الفعل بعدها، كما لو ابتدأت بها ، ويجوز إهمالها ، فترفع الفعل بعدها ؛ لأنه مع الضمير المستكن فيه خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير فيه :"وأنا إذنْ أحسنُ إليك".

وكذا أن تدخل بين كلامين أحدهما متعلق بالآخر كأن تدخل بين الشرط وجوابه نحو:"إنْ تكرمْني -إذنْ- أكرمْك" ، أو بين المبتدأ وخبره نحو:" زيدٌ -إذن- يقومُ" ، وما أشبه ذلك فلا يجوز إعمالها بحال.

وكذلك إذا دخلت على فعل الحال نحو قولك :"إذنْ أظنُّك كاذبًا "إذا أردت أنك في حال الظن ، وذلك لأن "إذنْ" إنما عملت لأنها أشبهت "أنْ" و "أنْ" لا تدخل على فعل الحال ، ولا يكون بعدها إلا المستقبل ، فإذا زال الشبه بطل العمل([39]).







المبحث الخامس:- إهمال حروف أخرى



حرف الفاء

الفاء المفردة ، حرف مهمل خلافًا لبعض الكوفيين في قولهم إنها ناصبة في نحو:" ما تأتينا فتحدثَنا" وللمبرد في قوله إنها خافضة في نحو :

فمثلِك حبلى قد طرقت ومرضعٍ

فيمن جر "مِثْلا" والصحيح أن النصب بـ"أنْ" مضمرة وأن الجر بـ"رُب" مضمرة ...([40])

الحروف الواقعة في فواتح السور القرآنية

يذكر النحاة أن من جملة الوجوه المعتبرة في شبه الحرف الوجه الإهمالي ذكره ابن مالك في الكافية الكبرى ، ومثل له في شرحها "بأوائل السور" ، فإنها تشبه الحروف المهملة كـ" بل" و "لو" في كونها لا عاملة ولا معمولة ، وهذا على القول بأن "أوائل السور" لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها من المتشابه الذي لا يدرك معناه ، وقيل إنها في محل رفع على الابتداء أو الخبر أو نصب بـ "قرأ" أو جر قسمًا وجعل بعضهم من هذا النوع "الأسماء قبل التركيب"، وأسماء الهجاء المسرودة كـ"ألف ، باء ، تاء ، ثاء ، جيم ... وأسماء العدد ، كـ"واحد ، اثنين ، ثلاثة...([41])

الفصل الثالث :- الإهمال في الأسماء

أسماء الأصوات

والأصل في الأسماء الإهمال ([42]) ومنها أسماء الأصوات ، وهي ما وضع لزجر ما لا يعقل كـ"هَلَا" بوزن "أَلَا" ، لزجر الخيل عن البطء ، أو دعاء لما لا يعقل كـ"أَوْ" ، بلفظ "أَوْ" العاطفة لدعاء الفرس ، أو حكاية صوت لحيوان أو اصطكاك أجرام كـ"غَاقِ" ، بغين معجمة ، وكسر القاف ، لحكاية صوت الغراب ، و"طَاقِ" ، بطاء مهملة ، وكسر القاف ، لحكاية صوت الضرب ، وفيه أي في هذا النوع أيضًا كما في أسماء الأفعال المركب المزجي : كـ"خاق باق" بإعجام الخاء ، وكسر القافين ، لحكاية صوت الجماع ، و"قاشِ ماشِ" ، بكسر الشينين المعجمتين ، لحكاية صوت القماش.

قال ابن قاسم : وحصر أسماء الأصوات وضبطها ؛ من علم اللغة ، وحظ النحوي أن يتكلم على بنائها ، وقد تقدم في باب المعرب والمبني ؛ أنها كلها مبنية ؛ لشبهها بالحروف المهملة ؛ في أنها لا عاملة ولا معمولة ، وشذ إعراب بعضها لوقوعه موقع متمكن ،كقوله :

إذا لِمّتي مِثْلُ جَنَاح غاقِ

أُعرب "غاقِ" لوقوعه موقع غراب..([43])
الأسماء قبل التركيب وأسماء الهجاء وأسماء العدد
في "الأسماء قبل التركيب" ثلاثة أقوال ، أحدها : وعليه ابن الحاجب أنها مبنية لجعله عدم التركيب من أسباب البناء ، وعلل غيره بأنها تشبه الحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا معمولة.

الثاني: أنها معربة بناء على أن عدم التركيب ليس سببًا ، والشبه المذكور ممنوع لأنها صالحة للعمل. والثالث : أنها واسطة لا مبنية ولا معربة لعدم الموجب لكل منهما ، ولسكون آخرها وصلا بعد ساكن نحو:" قاف سين" وليس في المبنيات ما يكون كذلك ، وهذا هو المختار عند السيوطي تبعًا لأبي حيان .([44])

و يذكر النحاة أن من جملة الوجوه المعتبرة في شبه الحرف الوجه الإهمالي ذكره ابن مالك في الكافية الكبرى ، ومثل له في شرحها "بأوائل السور" ، فإنها تشبه الحروف المهملة كـ" بل" و "لو" في كونها لا عاملة ولا معمولة ، وهذا على القول بأن "أوائل السور" لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها من المتشابه الذي لا يدرك معناه ، وقيل إنها في محل رفع على الابتداء أو الخبر أو نصب بـ "قرأ" أو جر قسمًا وجعل بعضهم من هذا النوع "الأسماء قبل التركيب"، وأسماء الهجاء المسرودة كـ"ألف ، باء ، تاء ، ثاء ، جيم ... وأسماء العدد ، كـ"واحد ، اثنين ، ثلاثة...([45])

الفصل الرابع :- الإهمال في الأفعال

(ظن وعلم وأخواتهما) وتعليق أو إلغاء عملها

ومن أحكام هذه الأفعال أنه يجوز فيها الإلغاء والتعليق ، فأما (الإلغاء) ؛ فهو عبارة عن إبطال عملها في اللفظ والمحل ؛ لتوسطها بين المفعولين ، أو تأخرها عنهما ، مثال توسطها بينهما قولك :" زيدًا ظننتُ عالمًا"، بالإعمال ويجوز" زيدٌ ظننتُ عالمٌ " بالإهمال ، قال الشاعر:

أبا الأراجيز يابن اللؤم توعدني وفي الأراجيز خلتُ اللؤمُ والخورُ

فـ"اللؤمُ" مبتدأ مؤخر ، و" في الأراجيز" في موضع رفع لأنه خبر مقدم ، وألغيت "خلت" لتوسطها بينهما ، وهل الوجهان سواء ؟ أو الإعمال أرجح؟ فيه مذهبان .

ومثال تأخرها عنهما قولك :" زيدٌ عالمٌ ظننتُ" بالإهمال ، وهو الأرجح بالاتفاق ، ويجوز:" زيدًا عالمًا ظننتُ" ، بالإعمال ، قال الشاعر :

القومُ في أثري ظننتُ فإن يكن ما قد ظننت فقد ظفرت وخابوا

فـ"القوم" مبتدأ و" في أثري" ؛ في موضع رفع على أنه خبره ، وأهملت "ظنَّ" لتأخرها عنهما ، ومتى تقدم الفعل على المبتدأ والخبر معًاً ؛ لم يجز الإهمال ، لا تقول: "ظننت زيدٌ قائمٌ " بالرفع خلافًا للكوفيين.

وأما (التعليق) فهو عبارة عن إبطال عملها لفظًا لا محلا ؛ لاعتراض ماله صدر الكلام بينها وبين معموليها ، والمراد بماله صدر الكلام:-

§ (ما) النافية ، كقولك : "علمتُ ما زيدٌ قائمٌ " ، وقال الله تعالى: " لقد علمتَ ما هؤلاء ينطقون" ، فـ"هؤلاء" مبتدأ ، و"ينطقون" خبره وليسا مفعولا أولا وثانيًا.

§ و (لا) النافية ، كقولك:"علمتُ لا زيدٌ قائمٌ ولا عمروٌ".
§ و(إنْ) النافية ، كقوله تعالى:" وتظننون إنْ لبثتم إلا قليلا" أي :"ما لبثتم إلا قليلا".

§ و(لام الابتداء) ، نحو قولك:"علمتُ لزيدٌ قائمٌ" ، وقال الله تعالى:"ولقد علموا لمَنْ اشتراه ماله في الآخرة من خلاق"
§ و(لام القسم) ، كقول الشاعر:

ولقد علمتُ لَتَأتِيَنَّ منيتي إن المنايا لا تطيش سهامها

§ والاستفهام كقولك:"علمتُ أزيدٌ قائمٌ".

§ وكذلك إذا كان في الجملة(اسم استفهام) ، سواء كان أحد جزئي الجملة ، أو كان فضلة ،فالأول نحو: قوله تعالى"ولتعلمُنَّ أيُّنَا أشدُّ عذابًا وأبقى" ، والثاني كقوله تعالى:"وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون" فـ"أيَّ منقلبٍ" ، منصوب "ينقلبون" على المصدرية ، أي : "ينقلبون أيَّ انقلابٍ" ، و "يَعْلَمُ" معلقة عن الجملة بأسرها ؛ لما فيها من اسم الاستفهام ، وهو "أيَّ" ، وربما توهم بعض الطلبة ؛ انتصاب "أيَّ" بـ"يَعْلَمُ" ، وهو خطأ ؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام ، فلا يعمل فيه ما قبله.

وإنما سمي هذا الإهمال (تعليقا) ؛ لأن العامل في نحو قولك :" علمتُ ما زيدٌ قائمٌ"، عامل في المحل وليس عاملا في اللفظ ، فهو عامل لا عامل ، فشبه بالمرأة المعلقة التي هي لا مزوجة ولا مطلقة ، والمرأة المعلقة هي التي أساء زوجها عشرتها ، والدليل على أن الفعل عامل في المحل ؛ أنه يجوز العطف على محل الجملة بالنصب ، كقول كثير:

وما كنت أدري قبل عزة ماالبكي؟ ولا موجعاتِ القلبِ ؟ حتى تولتِ

فعطف "موجعاتِ" بالنصب على محل قوله "ما البكى" ، الذي علق عن العمل فيه قوله "أدري" . ([46])

الفصل الخامس / الإهمال في باب التنازع

أحد العاملين في باب التنازع يهمل ولايعمل فالكوفي يرى أن الأول هو العامل لكونه سابقًا،وللعناية به بجعله متقدمًا،والبصري يرى أن الثاني هو العامل ، لقربه من المعمول ، ولأنه يؤدي المعنى من غير نقصان ([47])


الخاتمة وتتضمن :-

أحكام الإهمال و علله
تكاد تنحصر علل الإهمال في مسائل هذا المبحث في العلل الآتية (سأذكر العلة مستنبطًا الحكم الذي يدور معها وجودًا وعدمًا ذاكرًا إياه تلوها) :-

§ علل إهمال الحروف:

‌أ) اشتراك الحرف بين الاسم والفعل ، وعدم اختصاصه بواحد منهما ، وذلك كحروف الاستفهام والعطف ، (واجب الإهمال).

‌ب) انتقاض نفي "ليس" بـ" إلا" ، تشبيهًا لها بـ" ما" النافية (جائز الإهمال).

‌ج) السماع عن العرب ، مثل إهمال" لا" عند بني تميم (واجب الإهمال عند اختلال واحد من الشروط المذكورة بعد هذا ). .

‌د) تكرار "لا" ، وكون اسمها أو خبرها معرفة غير نكرة ، أو تقدم خبرها على اسمها ، أو انتقاض نفيها بـ "إلا".

‌ه) دخول الحرف على لفظ هو غير مختص بالدخول عليه ، مثل "لات" ، التي لا تعمل في غير ألفاظ الزمان (واجب الإهمال عند اختلال الشرط).

‌و) تخفيف المشدد من الحروف مثل (إنَّ ولكنَّ وكأنَّ ) ، (الأرجح والأكثر إهمال "إنْ" المخففة من الثقيلة ، وقليل إهمال "كأنْ" المخففة ، وواجب إهمال "لكنْ" المخففة من الثقيلة) .

‌ز) دخول "ما" الحرفية على "إنَّ وأخواتها" ، ( يجب إهمالها جميعًا إلا "ليتما" ؛ فجائز إهمالها وإعمالها).

‌ح) تقارض اللفظين في الأحكام ، كإعطاء "أنْ" المصدرية ؛ حكم "ما" المصدرية في الإهمال ، والعكس ، (جواز الإهمال والإعمال).

‌ط) إن دخل على(إذَنْ) "الواو والفاء" للعطف ، أو فَصَلت بين متلازمين ،كفصلها بين المبتدأ وخبره ، أو دخولها على الحال دون المستقبل ، (.يجوز إعمالها وإهمالها في الحالة الأولى ويجب في الأخريين).

‌ي) مشابهة الحروف في أوائل السور ؛ للحروف غير المختصة ، في كونها لا عاملة ولا معمولة ، (جواز الإهمال).

§ علة إهمال الأسماء :-

أ‌) شبه الأسماء بالحروف غير المختصة في كونها غير عاملة ولا معمولة ، كأسماء الأصوات (وجوب الإهمال في أسماء الأصوات وجائز في بقيتها).

§ علل إهمال الأفعال:

‌أ) توسط "ظن وعلم وأخواتهما" بين مفعوليهما ، أو تأخرهما عن هذين المعمولين ، (جواز الإعمال والإهمال والإهمال أرجح بالاتفاق).

‌ب) اعتراض ماله صدر الكلام بين "ظن وعلم وأخواتهما" وبين معموليهما ، مثل "ما" النافية في قولك : "علمتُ مازيدٌ قائمٌ ، (واجب التعليق).

§ علة الإهمال في التنازع :-

‌أ) يعمل الأول عند الكوفيين ، ويهمل الثاني لأن الأول له فضل التقدم ؛ لكونه أهم بالنسبة للمتكلم والسامع .

‌ب) ويعمل الثاني ويهمل الأول عند البصريين ؛ لأن الثاني أقرب إلى المعمول من الأول ، ولأنه يؤدي المعنى كالأول من غير نقص.(جواز الأمرين).
المصادر والمراجع /

1) القرآن الكريم .

2) الحديث الشريف.

3) الإنصاف في مسائل الخلاف لأبي البركات عبد الرحمن بن الأنباري ، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، د.ط، دار الفطر- دمشق ، د. ت.

4) أسرار العربية لأبي البركات عبد الرحمن بن الأنباري ، تحقيق فخر قدارة ، ط1،دار الجيل بيروت 1995م.

5) الأصول "دراسة إبستمولوجية للفكر اللغوي عند العرب"، تمام حسان ،د.ط،عالم الكتب القاهرة ،2000م.

6) الاقتراح في علم أصول النحو ، جلال الدين السيوطي ،ط2،جمعية دائرة المعارف العثمانية ، حيدر أباد – الهند ، د. ت.

7) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، جمال الدين بن هشام تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط5،دار الجيل – بيروت 1979.

8) التوقيف على مهمات التعاريف ، محمد عبد الرؤوف المناوي ، تحقيق : د. محمد رضوان الداية ، ط1 ، دار الفكر المعاصر و دار الفكر - بيروت , دمشق، 1410هـ.

9) شرح ابن عقيل على الألفية ، بهاء الدين بن عقيل ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد ،د. ط، دار الفكر – سوريا 1985.

10) شرح شذور الذهب ، جمال الدين بن هشام ، تحقيق عبد الغني الدقر ، د.ط.، دار الشركة المتحدة – سوريا 1987م.

11) شرح قطر الندى أبو محمد جمال الدين بن هشام الأنصاري ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط 11 ، القاهرة 1383هـ.

12) لسان العرب محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري ط1 : دار صادر – بيروت ،د. ت.

13) مغني اللبيب لجمال الدين بن هشام ، تحقيق مازن المبارك ومحمد حمد الله ، ط6 ، دار الفكر ، دمشق 8791م.

14) موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب ، خالد الأزهري ، تحقيق عبد الكريم مجاهد ط1، دارالرسالة –بيروت1996م.

15) همع الهوامع ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق : عبد الحميد هنداوي ، د.ط ، المكتبة التوفيقية – مصر، د . ت.





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) اللسان مادة (همل)
([2]) التعاريف 1/319
([3])التعاريف 1 / 498
([4]) انظر صور الإهمال في هذا البحث ص
([5])همع الهوامع 1 / 50
([6]) انظر صور الإهمال من هذا البحث ص
([7]) همع الهوامع 1 / 592
([8])همع الهوامع 1 / 591
([9]) انظر أنواع المهملات وصور الإهمال في هذا البحث ص
([10]) أسرار العربية 1 / 36
([11]) الاقتراح
([12])مغني اللبيب 1 / 917
([13])همع الهوامع 1 / 423 - 424
([14]) الاقتراح
([15])شرح ابن عقيل 1 / 312
([16])مغني اللبيب 1 /316
([17]) الاقتراح
([18])شرح ابن عقيل 1 / 374
([19]) همع الهوامع 1 / 461
([20]) الإنصاف في مسائل الخلاف 1 / 165
([21]) شرح ابن عقيل 1 / 378
([22]) موصل الطلاب 1/117
([23])مغني اللبيب 1 / 376
([24])شرح شذور الذهب 1 / 363
([25]) همع الهوامع 1 / 519
([26])همع الهوامع 1 / 520
([27])موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب 1 / 118
([28]) شرح شذور الذهب 1 / 363
([29]) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك 1 / 366
([30]) شرح قطر الندى 1 / 153
([31]) مغني اللبيب 1 / 37
([32])أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك 1 / 366
([33])مغني اللبيب عن كتب الأعاريب 1 / 36
([34]) وهي : أن وما وكي ولو .
([35]) همع الهوامع 1 / 514
([36]) مغني اللبيب 1 / 915
([37]) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب 1 / 915
([38]) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب 1 / 916
([39]) أسرار العربية 1 / 289 - 290
([40])مغني اللبيب 1 / 213
([41]) همع الهوامع 1/70
([42])الأصول لتمام حسان ص
([43]) همع الهوامع 3 / 111 وأوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك 4 / 93
([44])همع الهوامع 1 / 75
([45]) همع الهوامع 1/70
([46])شرح قطر الندى 1 / 173 - 178
([47]) الاقتراح في أصول النحو ص
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

ترقيم الصفحات