بحث مخصص عن الكتب

Loading

الأربعاء، 9 فبراير 2011

أفياء من رحلتي مع الكيمياء (3)


من تجارب العرب القدماء :

أهم مراحل تحضير ( أو تدبير ) الإكسير الأعظم هي : تدبير الجسد وتدبير الروح على النحو الآتي :

تدبير الجسد : تتطلب عملية تدبير الجسد العناصر والمركبات التالية : الذهب والزئبق والماء والزاج الأخضر المُقطّر/ يتمّ تسخينها جميعاً على نار سرجين ( سرقين = فضلات الخيل والبقر المُجففة )، بعد التسخين يضاف إليها النشادر وتسخن على نار هادئة لسبع ساعات ( من صلاة الغداة إلى بعد الظهر ).

يترك الخليط يوماً وليلة ليبرد ستلاحظ (( أن الزئبق والنشادر قد صعدا إلى القدح الأعلى بلون أبيض تعلوه صفرة )) ، يجمع هذا المحلول الخليط ويسحق مع الذهب المتبقي الذي ما زال صُلْباً غير ذائب وغير متفاعل ، ويضاف إليهما نشادر وشبّ وقليل من ماء الزاج المُقطّر ( كاربونات النحاس الخضراء ) ، وتكرر العملية السابقة عدة مرات ( خمسَ مراتٍ أو الأفضل سبعاً ) ، تلاحظ أن الصُفرة التي تعلو اللون الأبيض لخليط الزئبق والنشادر تصبح ذهبية وتزداد عُمقاً بعد كل عملية تصعيد جديدة .

يمكن كيميائياً تفسير ما يحدث بتكون مُركّب ثنائي مُعقّد Binary Complex Compound من الذهب والنحاس والزئبق ثم الأمونيا ربما بالصيغة التركيبية التالية : AuHg(NH3)4.Cu(NH3)2 ، وهو مركب سائل بفضل وجود ست جزيئات من الأمونيا في تركيبه ، وهذا هو الإكسير الأصغر ، وهذا بحد ذاته إنجاز رائع وخطير إذ أمكن تحويل عنصر الذهب العصيِّ على الحرارة والانصهار إلى أحد مكوِّنات مركب كيميائي سائل وليس صُلْباً.

تدبير الروح : تتم عملية تدبير الروح على ثلاث مراحل : في المرحلة الأولى يتم تحويل المركب الثنائي المعقد وهو سائل إلى مركب في الحالة الصلبة على هيئة مسحوق أصفر كالدقيق Powder .

وفي المرحلة الثانية يتم تحضير مركب أحمر قوي صابغ.

وأخيراً يُصبُ هذا المركب الصابغ على المسحوق الأصفر الذهبي وتُجرى عمليات كيميائية هي الأخرى معقدة لغاية الحصول على مادة عسلية القوام لا تحترق بالحرارة العالية إنما تذوب كالشمع.

ما تفسير هذا الكلام ؟ إنَّ الحرارة العالية للصفيحة المعدنية ( أَفترضُ أنها من الفضة بالنظر إلى السعة الحرارية العالية لهذا العنصر، وقد تكون من النحاس ) كفيلة بتفكيك الروح المُحَمّرَة وتحرر الذهب منها إبريزاً حُرّاً طليقاً ، فهذا إنجاز كبير رائع في حقل الكيمياء : إستخلاص عنصر الذهب من بعض مركباته المعقدة .

ماذا يحدث لو سخّنا بالحرارة العالية المركّبَ الثنائيَّ المعقد دون تحميره وتحويله إلى مركب عسلي القوام ؟ إنه سيتفكك عند ذاك ويتطاير منه غاز الأمونيا مع ترسب سبيكة ذات لون رمادي غامق من الذهب والنحاس والزئبق ,أي لا نحصل منه على الذهب الخالص.

تحضير الماء الأحمر الصابغ : لتحضير هذا الماء يتم جمع بعض العناصر والمركبات الكيميائية بنسب وزنية دقيقة وهي الجلو ( مادة قلوية ضرورية لتهيئة وسط قاعدي للتفاعلات الكيميائية ) والكبريت الأصفر والزاج الأصفر والأخضر والنشادر والشب والزعفران والزرنيخ الأحمر ثم النطرون ، تسُحق جيداً ووضعت في قدر نحاس مجلوة غير مُرصصة-منعاً لتدخل الرصاص في التفاعلات الكيميائية - أُضف إليها رطلين من ماء النورة المركزة ورطلين من ماء القلى المُركّز, يسحق الخليط ويسخّن لثلاث ساعات حتى يشرع في الغليان وينقلب لونه إلى الأحمر كلون الدم ، استمر في التسخين حتى يفقد الخليط نصف ما كان فيه من ماء , برّد الباقي وصُفّي برفق ثم وُضع في إناء من الزجاج .

ولتحمير المسحوق الذهبي السابق صُبَّ عليه من هذا الماء الأحمر في قدر من النحاس المُطيّن ( لضمان تساوي درجات الحرارة التي تصل إلى القدر). حرّك المزيج مع التسخين بعمود من الفضة أو الزجاج وقلّب بإستمرار وعناية ، وعندما يجف الماء أضف إليه كميات أخرى من الماء الأحمر مع إدامة التسخين الهيّن .

abuiyad

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ترقيم الصفحات